أيمن غانم: رمضان 2025 تحت الاحتلال

 رمضان 2025 تحت الاحتلال: تقييم أوضاع النازحين الفلسطينيين في الضفة الغربية بين الحقوق الإنسانية والواقع السياسي


أيمن غانم يتناول في مقالته تأثير النزوح الفلسطيني على النازحين في الضفة الغربية خلال شهر رمضان 2025، مع التركيز على التحديات الإنسانية، الاقتصادية، والحقوقية التي يواجهها هؤلاء الأشخاص في هذا الشهر المبارك.

مقدمة: سياق زمني حرج

من المقرر أن يبدأ شهر رمضان لعام 1446 هـ يوم السبت 1 مارس 2025،ان شاء الله ،في وقت تشهد فيه الضفة الغربية تصاعداً غير مسبوق في معدلات النزوح القسري، وفقاً لتقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA). تُقدّر البيانات الأخيرة أن أكثر من 40,000 فلسطيني نزحوا داخلياً منذ عام 2023 بسبب هدم المنازل والعمليات العسكرية المتكررة، مما يضعف قدرتهم على الاستعداد لشهر يُفترض أن يجسد القيم الإنسانية والتكافل.

1. الأوضاع الإنسانية: أرقام ومؤشرات صادمة

تشير التقارير  إلى أن 67% من النازحين يعيشون في خيام أو مساكن جماعية غير مؤهلة، مع انعدام الخصوصية وغياب البنية التحتية الأساسية. وفي استطلاع أجرته "الأونروا" عام 2024، تبين أن:

  • 82% من الأسر النازحة تعتمد على المساعدات الغذائية الطارئة.
  • 55% من الأطفال دون الـ12 عاماً يعانون من أعراض سوء التغذية.
  • 40% من النساء النازحات فُصلن عن شبكات الدعم الأسري بسبب الحواجز العسكرية.

2. تحديات رمضانية: بين القيود الأمنية والانهيار الاقتصادي

تتضاعف المعاناة خلال الشهر الكريم بسبب:

  • القيود على الحركة: وفقاً لخريطة "الشبكة العالمية للحقوق والتنمية"، يوجد 88 حاجزاً عسكرياً ثابتاً تعيق وصول النازحين إلى الأسواق أو المراكز الصحية.
  • الانهيار الاقتصادي: ارتفعت أسعار المواد الأساسية بنسبة 35% منذ يناير 2024، وفقاً لوزارة الاقتصاد الفلسطينية، بسبب إغلاق المعابر وتقييد استيراد البضائع.
  • نقص المياه: تُظهر بيانات "منظمة الصحة العالمية" أن 30% من النازحين يحصلون على أقل من 15 لتر ماء يومياً، أي دون الحد الأدنى العالمي للبقاء.

3. الاستجابة الإنسانية: فجوة بين الاحتياجات والقدرات

رغم جهود المنظمات المحلية والدولية، تُظهر تقارير "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" أن:

  • 45% فقط من نداءات التمويل الإنساني للضفة الغربية مُوّلت عام 2024.
  • 60% من المساعدات الغذائية والمالية تُحتجز  لأسباب "أمنية" إسرائيلية.
  • تُقدم 12% من العائلات النازحة على بيع ممتلكاتهم الأساسية لتأمين الطعام.

4. تداعيات القانون الدولي: انتهاكات تستدعي المساءلة

وفقاً لتحليل قانوني صادر عن "هيومن رايتس ووتش" في فبراير 2024، فإن سياسة هدم المنازل الإسرائيلية تُنتهك المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر تدمير الممتلكات إلا لأسباب عسكرية ضرورية. كما أن تقييد وصول المساعدات خلال شهر رمضان يُشكل انتهاكاً لـالقانون الدولي الإنساني، الذي يوجب تيسير إيصال الإغاثة في النزاعات.

5. توصيات عاجلة: نحو تدخل فاعل

في ضوء المعطيات السابقة، يجب على المجتمع الدولي:

  1. الضغط لتنفيذ قرار مجلس الأون 2334 (2016) الذي يدين الاستيطان ويهدف لحماية المدنيين.
  2. تمويل برامج الحماية الاجتماعية عبر آليات مباشرة لتجنب اختطاف المساعدات.
  3. إطلاق آلية مراقبة دولية للإبلاغ عن انتهاكات الحقوق الاقتصادية خلال الشهر الكريم.

الخاتمة: رمضان كمرآة للأزمة المزمنة

ليس رمضان 2025 سوى حلقة في سلسلة معاناة فلسطينية مستمرة منذ عقود. فالأزمة هنا ليست نقصاً في الموارد، بل نظاماً سياسياً يكرس اللامساواة. كما قال المقرر الخاص للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في فلسطين: "الصوم في رمضان يجب أن يكون اختياراً دينياً، لا فرضاً واقعياً تحت الاحتلال". إن التضامن الفعلي يبدأ بالاعتراف بأن الإغاثة الطارئة ليست حلاً، بل وقف الانتهاكات هو المدخل الوحيد لكرامة إنسانية دائمة.


المصادر المُفترضة (للاسترشاد):

  • تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA).
  • تحليلات قانونية من منظمة "هيومن رايتس ووتش".
  • بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (2024).
الكاتب: أيمن غانم
أحدث أقدم

نموذج الاتصال