الخدمة الاجتماعية الدولية
المقدمة
تُعرّف الخدمة الاجتماعية الدولية بأنها فرع من فروع الخدمة الاجتماعية يركز على القضايا الاجتماعية والإنسانية العابرة للحدود، ويسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز حقوق الإنسان في سياقات تتسم بالتعقيد والتحول السريع. تظهر الحاجة إلى هذا التخصص في ظل العولمة والتحديات المتزايدة كالفقر، النزاعات المسلحة، الهجرة غير الشرعية، والكوارث الطبيعية، ما يستدعي تبني منظور دولي يربط بين الخبرات المحلية والتجارب العالمية.النشأة والتطور التاريخي
نشأت الخدمة الاجتماعية الدولية في الثلث الأخير من القرن العشرين استجابة لتفاقم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على المستويات المحلية والعالمية. يُعتبر جورج وارين من أوائل من تناولوا مفهوم الخدمة الاجتماعية الدولية في الأربعينيات، إذ دعا إلى تمكين الأخصائيين الاجتماعيين من العمل في المنظمات الدولية لمواجهة التحديات العابرة للحدود. شهدت هذه المرحلة انتقال الممارسة من نطاق الدولة الواحدة إلى أبعاد إقليمية ودولية مع تطور المنظمات العالمية والاتصالات العابرة للحدود.الأهداف والمبادئ
تتمثل أهداف الخدمة الاجتماعية الدولية في:- تعزيز العدالة الاجتماعية وحماية حقوق الإنسان في مختلف البيئات الثقافية والسياسية.
- تطوير ممارسات تدخلية تدمج بين الخبرات المحلية والتجارب الدولية لتقديم حلول فعالة للمشكلات الاجتماعية.
- تمكين الأفراد والمجتمعات الضعيفة من خلال التعاون الدولي وتبادل الخبرات.
وتستند الخدمة الاجتماعية الدولية إلى مجموعة من القيم والمبادئ الأخلاقية تشمل:
- احترام كرامة الإنسان والحفاظ على حقوقه الأساسية.
- الالتزام بالسرية والمهنية في التعامل مع الأفراد والمجتمعات.
- تعزيز المساواة والتنوع الثقافي والعدالة في توزيع الموارد.
- التعاون والتواصل الفعّال بين المؤسسات الدولية والمحلية لتعزيز استجابة شاملة للتحديات الاجتماعية.
مجالات وممارسات الخدمة الاجتماعية الدولية
تتنوع مجالات العمل في الخدمة الاجتماعية الدولية لتشمل:- العمل مع اللاجئين والمهاجرين لمواجهة تحديات التكيف والاندماج الاجتماعي.
- التدخل في حالات العنف والإرهاب وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لضحايا الصراعات والحروب.
- المساهمة في إعداد وتنفيذ برامج تنموية تركز على الحد من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة.
- المشاركة في جهود الإغاثة والإستجابة للكوارث والأزمات الإنسانية بالتعاون مع منظمات دولية مثل الأمم المتحدة، منظمة الصحة العالمية، ومنظمات غير حكومية متخصصة.
تُعتبر المنظمات الدولية مثل الاتحاد الدولي لمدارس الخدمة الاجتماعية (IFSW) والجمعية الدولية للأخصائيين الاجتماعيين (IASSW) من الركائز الأساسية التي تسهم في تنسيق الجهود وتبادل الخبرات بين مختلف الدول.
العلاقة بين الخدمة الاجتماعية الدولية والمحلية
يرى الكتاب أن الخدمة الاجتماعية الدولية ليست معزولة عن الممارسة المحلية؛ بل هي علاقة تفاعلية يتأثر فيها كلا المستويين ببعضهما البعض. فالممارسات المحلية توفر أرضية التجربة والمعرفة، بينما يسهم التبادل الدولي في إثراء هذه التجارب بتجارب ونماذج مبتكرة من سياقات أخرى. هذا التكامل بين المحلي والدولي يُعد أمرًا أساسيًا لتطوير مهنة الخدمة الاجتماعية وتحديثها في ظل التغيرات العالمية.التحديات والآفاق المستقبلية
يواجه الأخصائيون الاجتماعيون في السياق الدولي عدة تحديات أبرزها:- التباينات الثقافية واللغوية التي قد تعيق التواصل الفعّال.
- البيروقراطية والاختلاف في السياسات الوطنية مما يؤثر على تنفيذ البرامج الدولية.
- الحاجة إلى تأهيل متخصصين يمتلكون مهارات لغوية وثقافية عالية بالإضافة إلى القدرة على التعامل مع قضايا معقدة متعددة الأبعاد.
ومع ذلك، فإن التطورات التكنولوجية وتزايد التعاون الدولي تشكل فرصة لتعزيز ممارسات الخدمة الاجتماعية الدولية، إذ يمكن من خلال تبادل الخبرات والبحوث المشتركة تحسين الاستجابة للتحديات وتعزيز التنمية الاجتماعية المستدامة.
المراجع
- العسولي، ع. (2020/2021). محاضرات في الخدمة الاجتماعية الدولية كاملة. جامعة القدس المفتوحة.
- وارين، ج. (1943). من أوائل الدراسات التي تناولت الخدمة الاجتماعية الدولية.
- مصادر أخرى واردة في الكتاب:
- قصي عبد الله، إبراهيم، أبو بكر، إياد فايز، وغيرهم من الباحثين الذين تناولوا موضوع العولمة ودورها في تطوير الخدمة الاجتماعية الدولية.
- المراجع الأجنبية مثل Anne E. Fortune (1985) وHarris & Coleman (2008) وغيرهم الذين أسهموا في إغناء المجال من خلال دراسات وأبحاث تطبيقية.
الكاتب: ايمن غانم
التسميات
علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية