لقاءات التوجيه الجمعي داخل الصفوف

لقاءات التوجيه الجمعي داخل الصفوف - بقلم أيمن غانم


لقاءات التوجيه الجمعي داخل الصفوف - بقلم أيمن غانم

مقدمة: لماذا قد تكون هذه "الحصة الإضافية" أهم من المنهاج نفسه؟

تخيل أنك طالب في الصف الثامن، تجلس في حصة الرياضيات، تتلقى معادلات قد لا تعرف كيف ستفيدك في حياتك اليومية. وفجأة، يعلن المعلم أن الحصة القادمة ستكون مع المرشد التربوي لمناقشة موضوع "كيف تتعامل مع ضغط الامتحانات دون أن تفقد شغفك؟". في تلك اللحظة، تشعر بأن هذا هو الدرس الحقيقي الذي كنت تنتظره. لقاءات التوجيه الجمعي داخل الصفوف ليست مجرد حصص تكميلية، بل هي ورش عمل حياتية تُعلم الطلاب كيفية مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية والعقلية، وتساعدهم على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم. فكيف تُدار هذه اللقاءات؟ ولماذا قد تُحدث الفرق بين طالبٍ فاشل وآخر مُبدع؟


ما هي لقاءات التوجيه الجمعي؟

هي جلسات تفاعلية داخل الصفوف، حيث يناقش المرشد التربوي مع الطلاب موضوعات لا تُدرَّس في الكتب المدرسية، لكنها تلامس حياتهم اليومية. الهدف ليس حشو الأذهان بمعلومات، بل تمكين الطلاب من:

  • تصحيح مفاهيم خاطئة (مثل: "الذكاء موروث ولا يمكن تطويره").
  • اكتساب مهارات عملية (كإدارة الوقت أو مواجهة التنمر).
  • منع المشكلات قبل وقوعها (كالتوعية حول مخاطر الإدمان الإلكتروني).
أمثلة على موضوعات تُناقش:
  • مراهقون: "كيف تتعامل مع التغيرات الجسدية والعاطفية في مرحلة البلوغ؟".
  • طلاب الثانوية: "أسرار التغلب على قلق الاختبارات النهائية".
  • الابتدائي: "لماذا التنمر خطأ؟ وكيف تدافع عن نفسك دون عنف؟".

من يصنع محتوى هذه اللقاءات؟ 6 مصادر لا تخطر على بال!

المصادر ليست مقيدة بمنهاج جامد، بل هي مرنة وتستمد من واقع الطلاب:

  1. الطلبة أنفسهم: عبر استبيانات أو حصص مفتوحة يُعبّرون فيها عن مخاوفهم (مثل: طالب يطلب مناقشة "كيف أتعامل مع غضب والديّ؟").
  2. المعلمون: يلاحظون سلوكيات تحتاج تدخلًا (كزيادة المشاجرات بين الطلاب).
  3. المرشد التربوي: من خلال خبرته في تشخيص احتياجات كل مرحلة عمرية.
  4. أنظمة المدرسة: كالتوعية ببرامج مكافحة التنمر أو دعم ذوي الاحتياجات الخاصة.
  5. الأهالي: يقترحون موضوعات كـ "كيف نحمي أبناءنا من التحرش الإلكتروني؟".
  6. المجتمع المحلي: بالتعاون مع أطباء أو مُختصين لإثراء النقاش (مثل: دعوة طبيب نفسي لمناقشة "كيف تحافظ على صحتك العقلية؟").

كيف تُختار الموضوعات؟ فن صناعة المحتوى الذي "يُشعل" الحوار!

لا تُختار الموضوعات عشوائيًا، بل بناءً على:

  • المرحلة العمرية:
    • طلاب الابتدائي: مواضيع بسيطة (الصداقة، احترام الآخرين).
    • المراهقون: قضايا الهوية، الضغط الاجتماعي.
    • الثانوي: الاستعداد للحياة الجامعية.
  • الظروف الطارئة:
    • إذا انتشر تنمر في المدرسة، تُناقش "كيف تكون صديقًا داعمًا؟".
    • في أوقات الامتحانات: جلسات تخفيف القلق.
مثال ملموس:

في إحدى المدارس، لاحظ المرشد أن طلاب الصف التاسع يعانون من إدمان الألعاب الإلكترونية. فنظم جلسة بعنوان: "لعبتك المفضلة قد تُدمر مستقبلك: كيف توازن بين المتعة والدراسة؟"، شارك فيها طالب كان مدمنًا وتغلب على المشكلة بقصة ملهمة.


برمجة اللقاءات: ليست "حصص فراغ" بل خطط مدروسة!

لا تأتي هذه الجلسات عفوية، بل تُبرمج كالتالي:

  1. يُعد المرشد جدولًا أسبوعيًا يحدد فيه الصفوف والموضوعات.
  2. يُنسق مع مدير المدرسة لتوفير الحصص (قد تستبدل حصة فراغ أو نشاط غير ضروري).
  3. يُجهز المواد مسبقًا (عروض تقديمية، فيديوهات، استبيانات).
سر النجاح:

أن تكون الجلسة غير أكاديمية، فلا واجبات ولا درجات، بل مساحة آمنة للحوار.


إدارة اللقاء: 6 طرق مبتكرة لجعل الطلاب "مدمنين" على الحضور!

المفاجأة هنا أن المرشد ليس المتحدث الوحيد! إليك أساليب إدارة مبدعة:

1- الطلاب يقودون النقاش:

  • يُختار طالب أو مجموعة لإدارة الحوار بعد تدريبهم.
  • مثال: طالبة قادت نقاشًا عن "التنمّر" وكشفت كيف تعرضت له وتغلبت عليه.

2-مشاركة أولياء الأمور:

  • يُدعى أحد الآباء للحديث عن تجربته (كالأب الذي أسس شركته الناشئة رغم الفشل الدراسي).

3-التعاون مع المعلمين:

  • معلم التاريخ يُناقش "كيف تتعلم من أخطاء الماضي لتنجح في مستقبلك؟".

4-الوسائل الإعلامية:

  • عرض فيلم قصير عن تأثير السوشيال ميديا على التركيز، ثم مناقشته.

5- الزيارات الميدانية:

  • زيارة مركز إعادة تأهيل مدمنين كجزء من جلسة عن مخاطر المخدرات.

6-الأنشطة التفاعلية:

  • تقسيم الطلاب لمجموعات لتمثيل دور "ضحية تنمر" و"المتنمر" و"الشاهد"، ثم تحليل المشاعر.

خاتمة: هل يمكن أن تُغير حصة واحدة مسار حياة طالب؟

في إحدى المدارس، ناقش المرشد مع طلاب الصف العاشر موضوع "كيف تكتشف موهبتك الخفية؟". بعد أسبوع، قدم طالب خجول قصيدة كتبها خلال الجلسة، واكتشف أنه شاعر موهوب. اليوم، هو ينشر دواوينه ويشارك في مسابقات أدبية.

لقاءات التوجيه الجمعي ليست مجرد كلام في الهواء، بل مفاتيح تُطلق إمكانات الطلاب، وتُعلمهم أن المدرسة ليست مكانًا للحفظ، بل للاكتشاف والنمو. فهل جلسة واحدة يمكنها أن تصنع الفرق؟ الإجابة: نعم، عندما تُدار بإتقان وإيمان بقدرات الطلاب!

أحدث أقدم

نموذج الاتصال